غربة

Friday, March 20, 2009

لم يقل شئ عن الغياب..خلع ملابسه ..تركها كما هى عادته دائما على الأريكة..تمدد على ظهره فى ذاته نفس الجانب الذى يفضله من الفراش
و لم يقل أى شيئ ..عن الغياب
حين بدا لى أنه غفى..أقتربت منه..لم يبدوا مختلفا..ربما لو عددت النمش الذى يسكن جلده لوجدته أزيد..ربما لوأطلت النظر قليلا لو جدت أن شعره قد طال..او ان الزمن الذى مر عليه ترك تجعيدة خفيفة تحت عينيه..لابد أنه أختلف أو انه ليس هو من الأساس
لا أعرف كيف عاد يكره ضوء الشمس وصخب البشر .. لا يشرع نافذته إلا إلى الداخل .. حيث الضوء أبيض، مسالم، متعادل، وحيث لا يلتقي أحداً سواه، ولا ألتقيه إلا حينما يغفو قليلاً، فيعود هو ..
تفقد أشياءك طعمها، ليس بالتدريج، وإنما بقرارات فجائية تعسفية، لا تقبل طعناً بإلغاء .. منذ متى تقرر الأشياء من تلقاء نفسها لنفسها ؟! لا أعرف ..
أعرف فقط أنك هنا، وأن ما بيننا هو نافذة مغلقة
أقترب اكثر من الفراش ..لازال ينام كالأطفال..يختلج دون أسباب..ثم يكمل نوم بتنفس رتيب..من قال أنك هو..الغربة التى تشبهك كثيرا هذة الأيام..أم حمائمك التى تعلمها السفر الطويل وتحاول تعليمك هى السكن
وعدتني يوماً أن تقلع عن غواية الترحال، وأن تكتفي بغواية القمر .. تنكص وعدك وتعود .. تعتذر فأغفر .. وأعرف أنك ستقلع يوماً آخر إلى حيث لا أعثر عليك .. رغم ذلك لا أطوي شراعك، ولا أرفض منحك تأشيرة سفر ..
أعوض غيابك في الحنين، وأتفقدك في ملمس عطرك ودفء أوراقك .. وكل عاداتك الصغيرة التي لا تعرفها أنت، وأحفظ أنا مواقيتها وطقوسها
الغربة..تلك التى رافقت أسمك منذ التقتك عيناى حراً فى فضائها..لم تكف عن معايرتى ..ترقص فى عيناك "ليس لكِ..ولو أراد" الغريب هكذا يسمونك على الشاطئ حيث تجلس تنتظر سرباً مهاجراً من نوارس الحنين..تنتظر عاماً او اثنين..تغلق نافذتك دونك .. وتأتي إليّ لتنام
هل جاء بك التعب ؟
وأنا ؟ أين أذهب بتعب انتظاري إن لم يكن لي سواك ؟
لا تجيب .. آوي إلى حضنك من بعيد .. أستعيدك في الجوار .. أقترب حتى لا يبقى مجالاً لابتعاد .. دعني أصارحك الحقيقةَ: أنتَ لي .. ستفتح عينيكَ الآن .. تعيد تكويني على جدران ذاكرتك .. تبتسم حين تمنحني شعور الاكتمال .. ستربت على يدي .. ستهمس: دعيني أنام
أكتفي منك بأنك لا زلت تعرفني .. أخفض الضوء فى الغرفة وأتحرك نحو الباب .. همهمتك تلك التى تنادى فيها بلا اسم على وطن لا أعرفه، توقفنى ..
لحظات فقط .. يراوغني طيفك وتمسك بي حقيبة سفر .. لحظات فقط .. لكنني أعرف أنها لن تكفيك حين تصحو غداً لتعرف أنني لست هنا


... ... ... ...
لاأذكر كم مرة خططنا طوال السنوات الماضية انا وأستاذى وصديقى أحمد عبدالمولى للكتابة سويا
القصة عمل مشترك..أخيراً ..مع العزيز أحمد عبدالمولى..ودون سابق ترتيب
سعيدة جدا بها






4 comments:

Anonymous said...

حلوة
قلبتي عليها المواجع
يلعن أبو الغربة

ست المرتفعات said...

كامليا
شكرا ع المرور
ويلعن ابوها الف مرة الغربة

محمد/نيولايف said...

الله..!

ست المرتفعات said...

الله عليك يامحمد
أنا عارفة إن النص لونك قوى
شكرا ع المرور